Tuesday, 13 November 2012

هل يشرع الإسلام زواج القاصرات والصغيرات - د.سعد الهلالي

هل يشرع الإسلام زواج القاصرات والصغيرات - د.سعد الهلالي



الافتئات بزواج القاصرات (2) سعد الدين الهلالي

ذكرنا أن بعض المفتئتين زعموا فى الأيام القليلة الماضية أن حكم الله لا يمنع زواج القاصرات وأن ما أحله الله لا يحرمه أحد ونادوا بعدم وضع قيد فى الدستور المصرى يمنع زواج القاصرات وسكت الناس عنهم دون أن يتمسكوا بحقهم الشرعى فى الاختيار الفقهى الذى يرون فيه مصلحة بناتهم ويدفعون به المفاسد عنهن كما أمر الله فيما نحكيه بعد حتى امتد هؤلاء المفتئتون فى فراغ أصحاب الحقوق فصالوا وجالوا وكأنهم وكلاء الله فى الأرض، مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان قد حذر أمراءه أن يزعموا معرفتهم بحكم الله وأمرهم أن يتكلموا برؤيتهم البشرية، فيما أخرج مسلم عن بريدة، أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقول لمن يؤمره: «وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك أنت فإنك لا تدرى أتصيب حكم الله فيهم أم لا». فكيف بهؤلاء المفتئتين يزعمون معرفتهم بحكم الله فى زواج القاصرات. إنهم لو كانوا فقهاء لقالوا هذه رؤيتنا تحتمل الصواب كما تحتمل الخطأ، كما كان الإمام الشافعى يقول: «قولى صواب يحتمل الخطأ، وقول غيرى خطأ يحتمل الصواب».

لقد استند المفتئتون على المجتمع المصرى بزواج القاصرات بعموم قوله تعالى: «واللائى يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائى لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن» (الطلاق: 4). وقد روى عن أبى بن كعب فى سبب نزول هذه الآية أن الله تعالى لما أنزل قوله: «والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء» (البقرة: 228) سأل الناس عن عدة الآيسة والصغيرة والحامل، فنزلت تلك الآية، وهى تدل على أن المطلقة إذا كانت صغيرة السن لا تحيض فعدتها ثلاثة أشهر، فلم يكن هناك مانع شرعى من زواج القاصرات الصغيرات.

والعجيب أن هذا الاستدلال من الآية الكريمة إنما يستند إلى وجه واحد من وجوه تأويلها، حيث ورد فى سبب نزولها أيضاً ما رواه معاذ بن جبل أنه لما نزلت آية سورة البقرة: «والمطلقات يتربصن بأنفسهم ثلاثة قروء». قال: يا رسول الله، قد عرفنا عدة التى تحيض فما عدة التى لم تحِض؟ فنزلت الآية. والسؤال عن عدة التى لم تحِض لا يعنى بالضرورة أن تكون المرأة صغيرة قاصرة، فإن بعض النساء لا يحضن مطلقاً وبعضهن قد ينزل عليهن الحيض مدة يوم أو يومين فى الشهر، وهذه المدة عند أبى حنيفة لا تعد حيضاً استدلالاً بما أخرج الدارقطنى عن واثلة بن الأسقع بسند ضعيف، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «أقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة أيام». فهذا يدل على أن اللائى لم يحِضن قد يراد بهن النساء البالغات اللاتى لم ينزل عليهن الحيض مطلقاً أو كان ينزل عليهن مدة أقل من ثلاثة أيام فى الشهر.

ومما يدل على اشتراط بلوغ السن فى الزواج شرعاً عموم قوله تعالى: «وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم» (النساء: 6)، واليتامى صفة تطلق على الصغير أو الصغيرة دون البلوغ، والابتلاء معناه الاختبار والامتحان والتدريب. فهذا أمر قرآنى باختبار الصغار ذكوراً وإناثاً حتى إذا بلغوا سن النكاح وارتأينا فيهم رشداً دفعنا إليهم أموالهم. ووجه الدلالة فى قوله سبحانه: «بلغوا النكاح» أى وصلوا سن النكاح أو الزواج، وهذه السن لم يقدرها الشارع وإنما ترك تقديرها للأسوياء من الناس الذين يغارون على ضعفائهم ويحرصون على مصالحهم ويدفعون عنهم السوء، لعموم قوله تعالى: «يوصيكم الله فى أولادكم» (النساء: 12)، وعموم قوله تعالى: «والله لا يحب الفساد» (البقرة: 205).

0 comments:

Post a Comment

 
Design by Wordpress Theme | Bloggerized by Free Blogger Templates | coupon codes تعريب : ق,ب,م