Monday, 19 November 2012

مخطوطات قمران تهدم عصمة الكتاب المقدس وتشهد للتوراة السامرية - جبل عيبال أم جرزيم




مشكلة نصية قديمة أستمرت لمئات أو لآلاف السنين وتعتبر أحد اهم أعمدة الخلاف بين اليهود العبرانيين الذين يتخذون قبلتهم أورشليم ، واليهود السامريين الذين يتخذون قبلتهم جبل جرزيم ، وهذا الخلاف يعود لنص سفر التثنية 27: 4 حِينَ تَعْبُرُونَ الأُرْدُنَّ، تُقِيمُونَ هذِهِ الْحِجَارَةَ الَّتِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا الْيَوْمَ فِي جَبَلِ عِيبَالَ، وَتُكَلِّسُهَا بِالْكِلْسِ.

فيتهم السامريون العبرانيين بالتحريف وأنهم قد أستبدلوا النص الأصلي الذي كان يقرأ "בהרגריזים - على جبل جرزيم" والموجود حاليا في التوراة السامرية بنص التوراة العبرية الحالي والذي يقرأ "בהר עיבל - على جبل عيبال".

والأمر يكاد يكون محسوماً عند اليهود العبرانيين ومن تبعهم من المسيحيين الذين أتفقوا على صحة التوراة العبرية ضد التوراة السامرية ، بأن المُحرف هم اليهود السامريين بسب دوافع دينية وتقديسهم لجبل "جرزيم"!


يقول "قاموس الكتاب المقدس" :

"ويختلف النص السامري عن النص العبري فيما يقرب من ستة آلاف موضع, فمثلًا أبدلت التوراة السامرية عيبال بجرزيم (تث 27: 4 و8) زيادة في إكرام جبلهم المقدس وتعزى معظم هذه الاختلافات إلى أخطاء في النقل وقعت من النساخ وقت الكتابة أو إلى أخطاء متعمدة قاموا بها عن قصد وإصرار." [1]

وآيضا "دائرة المعارف الكتابية" :

"والنص فى التوراة السامرية ، يمثل نصاً منقحاً للتوراة العبرية، فهو أحياناً يختلف عن العبرية أو عن السبعينية، وأحياناً يختلف عن الاثنتين. ويوجد نحو 6.000 اختلاف بين النسخة السامرية والنسخة العبرية الماسورية، وأغلبها أخطاء فى النسخ ولا تمس حقيقة جوهرية.. ويتفق النص السامري فى نحو 1900 موضع منها مع الترجمة السبعينية. وواضح أن بعض الاختلافات بين السامرية والعبرية الماسورية ترجع إلى تغييرات مقصودة لتأييد بعض عقائدهم مثل تغيير عيبال إلى جرزيم ( تث 27: 4).[2]

ولذلك فقد أعتمدت أغلب التراجم العربية والإنجليزية وغيرها للكتاب المقدس نص التوراة العبرية ضد نص التوراة السامرية :

(سميث و فاندايك) سفر التثنية - الأصحاح 27 : 4. حِينَ تَعْبُرُونَ الأُرْدُنَّ تُقِيمُونَ هَذِهِ الحِجَارَةَ التِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا اليَوْمَ فِي جَبَلِ عِيبَال وَتُكَلِّسُهَا بِالكِلسِ.

(الحياة) سفر التثنية - الأصحاح 27 : 4. وما إن تعبروا نهر الأردن حتى تنصبوا هذه الحجارة التي أنا أوصيكم بها اليوم على جبل عيبال وتطلوها بالكلس.

(الترجمة العربية المشتركه) سفر التثنية - الأصحاح 27 : 4. فإذا عبرتم الأردن تنصبون هذه الحجارة التي أنا آمركم بنصبها اليوم في جبل عيبال وتطلونها بالكلس.

فيما لم يخالف ذلك إلا الترجمة اليسوعية الكاثوليكية التي فضلت قراءة التوراة السامرية المخالفة للتوراة العربية والنص الماسوري المعول عليه عند أغلب الطوائف المسيحية :

(اليسوعية) سفر التثنية - الأصحاح 27 : 4. فإذا عبرتم الأردن، تنصبون هذه الحجارة التي أنا آمركم بنصبها اليوم على جبل جرزيم ، وتطلونها بالكلس.

ثم توضح في التعليق أسباب تفضيل هذه القراءة مخالفة بذلك جميع التراجم العربية الآخرى :


"في النص السامري (( على جبل جرزيم )) ، أما في النص العبري فلدينا (( على جبل عيبال )) . لعل النص السامري هو النص القديم الذي بُدل بسبب الجدال الذي قام للرد على السامريين الذين كان مكان عبادتهم على جبل جرزيم وهو التقليد القديم. وفي الآيتين 12-13 وفي 29/11 ، تتلى البركات على جبل جرزيم." [3]

وهكذا أستمر مسلسل الحيرة والشك والإتهام بين هؤلاء وهؤلاء ، بين مؤيد ومعارض بين مُتَهِم ومُتَهَم وبين مهاجم ومدافع؟!

وصدق الله العظيم إذ يقول :{وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة : 145]

ـ تحليل النص في لغاته وترجماته القديمة :

1- النص العبري (الماسوري - Masoretic Text):


ד וְהָיָה, בְּעָבְרְכֶם אֶת-הַיַּרְדֵּן, תָּקִימוּ אֶת-הָאֲבָנִים הָאֵלֶּה אֲשֶׁר אָנֹכִי מְצַוֶּה אֶתְכֶם הַיּוֹם, בְּהַר עֵיבָל; וְשַׂדְתָּ אוֹתָם, בַּשִּׂיד.


וְהָיָה בְּעָבְרְכֶם אֶת־הַיַּרְדֵּן תָּקִימוּ אֶת־הָאֲבָנִים הָאֵלֶּה אֲשֶׁר אָנֹכִי מְצַוֶּה אֶתְכֶם הַיֹּום בְּהַר עֵיבָל וְשַׂדְתָּ אֹותָם בַּשִּׂיד׃


וְהָיָה בְּעָבְרְכֶם אֶת־הַיַּרְדֵּן תָּקִימוּ אֶת־הָאֲבָנִים הָאֵלֶּה אֲשֶׁר אָנֹכִי מְצַוֶּה אֶתְכֶם הַיֹּום בְּהַר עֵיבָל וְשַׂדְתָּ אֹותָם בַּשִּׂיד׃


ד והיה בעברכם את הירדן תקימו את האבנים האלה אשר אנכי מצוה אתכם היום בהר עיבל ושדת אותם בשיד

العهد القديم - ترجمة بين السطور - [عبري - عربي]


وهكذ تتفق جميع النصوص العبرية على قراءة "בהר עיבל - على جبل عيبال".

2- النص السامري (Samaritan Pentateuch) :


الترجمة العربية لتوراة السامريين - حققها وقدم لها حسيب شحادة


בהרגריזים = في جبل جرزيم

يلاحظ هنا الشكل الخاص والأسلوب السامري المميز في كتابة النص ، فلا يفرق بين حرف الجر وكلمة جبل وأسم جرزيم (בהרגריזים) حيث كان من المفترض أن يُكتب بصورة منفصلة على الشكل (בהר גריזים) ، كما هو الحال في التوراة العبرية التي تكتبها على هذه الصورة التقليدية (הַר גְּרִזִים) كما جاء كمثال في سفر التثنية 27: 12«هؤُلاَءِ يَقِفُونَ عَلَى جَبَلِ جِرِزِّيمَ لِكَيْ يُبَارِكُوا الشَّعْبَ حِينَ تَعْبُرُونَ الأُرْدُنَّ: شِمْعُونُ وَلاَوِي وَيَهُوذَا وَيَسَّاكَرُ وَيُوسُفُ وَبَنْيَامِينُ.


يقول العالم "جيمس تشارلزورث" [4] (James H. Charlesworth) :

The Samaritans consider it a commandment (mizwot) to write “Mount Gerizim” with seven letters. [5]

ترجمة : يعتبر السامريون ذلك كوصية أن تكتب "جبل جرزيم - הרגריזים" بسبعة حروف.


καὶ ἔσται ὡς ἂν διαβῆτε τὸν ιορδάνην στήσετε τοὺς λίθους τούτους οὓς ἐγὼ ἐντέλλομαί σοι σήμερον ἐν ὄρει γαιβαλ καὶ κονιάσεις αὐτοὺς κονίᾳ

The Apostolic Bible Polyglot


ἐν ὄρει γαιβαλ = בהר עיבל = على جبل عيبال (γαιβαλ = جايبال)

4- الترجومات [6] (Targums) :

- ترجوم اونكلوس (Targum Onkelos) :

וִיהֵי בְמִעבַרכוֹן יָת יַרדְנָא תְקִימֻון יָת אַבנַיָא הָאִלֵין דַאֲנָא מְפַקֵיד יָתְכוֹן יוֹמָא דֵין בְטֻורָא דְעֵיבָל וֻתסֻוד״וֻתסִיד ״ יָתְהוֹן״יתהין ״ בְסִידָא׃

When you have passed the Jordan, you shall set up those stones which I command you this day, on the mountain of Ebal, and plaster them with lime; [7]

בְטֻורָא דְעֵיבָל = בהר עיבל = on the mountain of Ebal = على جبل عيبال

- ترجوم يوناثان الزائف (Targum Pseudo-Jonathan) :

ויהי בזמן דתעברון ית יורדנא תקימון ית אבניא האילין דאנא מפקיד יתכון בטוורא דעיבל ותשועון יתהון בגירא

When you pass over Jordana, you shall erect the stones that I command you on the mountain of Ebal, and plaster them with lime; [7]

בטוורא דעיבל = בהר עיבל = on the mountain of Ebal = على جبل عيبال


quando ergo transieritis Iordanem erige lapides quos ego hodie praecipio vobis in monte Hebal et levigabis calce

in monte Hebal = בהר עיבל = على جبل عيبال (هيبال = Hebal)

6- النص الآرامي [6] (البشيطا - Peshitta) :

ܘܡܐ ܕܥܒܪܬܘܢ ܝܘܪܕܢܢ܂ ܐܩܝܡ ܟܐ̈ܦܐ ܗܠܝܢ ܕܡܦܩܕ ܐܢܐ ܠܟܘܢ ܝܘܡܢܐ ܒܛܘܪܐ ܕܓܒܠ܂ ܘܐܟܠܫ ܐ̈ܢܝܢ ܒܟܠܫܐ܂

(Peshitta - Lamsa Translation - Deuteronomy 27:4) :
Therefore when you have crossed the Jordan, you shall set up these stones, which I command you this day, on mount Gebel, and you shall cover them with plaster.

ܒܛܘܪܐܕܓܒܠ בהר עיבל = on mount Gebel = على جبل عيبال (عيبال / جيبل)

7- أهم التراجم الإنجليزية النقدية :


So when you cross the Jordan you must erect on Mount Ebal6 these stones about which I am commanding you today, and you must cover them with plaster.

وتتبنى هذه الترجمة الرأي بأن السامريين هم من حرف النص بدوافع دينية :

6tc Smr reads “Mount Gerizim” for the MT reading “Mount Ebal” to justify the location of the Samaritan temple there in the postexilic period. This reading is patently self-serving and does not reflect the original. In the NT when the Samaritan woman of Sychar referred to “this mountain” as the place of worship for her community she obviously had Gerizim in mind (cf. John 4:20).


So when you have crossed over the Jordan, you shall set up these stones, about which I am commanding you today, on Mount Ebal, and you shall cover them with plaster.

الخلاصة : تتفق معظم النصوص الكتابية والترجمات القديمة مع قراءة نص التوراة العبرية التي تقرأ "בהר עיבל - على جبل عيبال" ولذلك جاءت معظم الترجمات العربية والإنجليزية وغيرها موافقة لهذه القراءة.

في حين يوافق نص التوراة السامريةالنص اللاتيني القديم (Vetus Latina) الذي يقرأ هو الآخر (Garzin - جارزين - جرزيم) ، كما أقر بذلك علماء الكتاب المقدس مثل العالم "يوجين أولريش" [8] (Eugene Ulrich) ، حيث يقول :


An Old Latin manuscript agrees with the Samaritan Pentateuch in reading “Mount Gerizim” at Deut 27:4, [9]

ترجمة :مخطوطة لاتينية قديمة تتفق مع التوراة السامرية في قراءة "جبل جرزيم" في التثنية 4:27.

وقد ذكر ذلك آيضا "الترجمة العربية المشتركة" في حاشية النص :


4 : عيبال . في السامرية واللاتينية جرزيم . رج 29:11 ح .

ولكن بعد كل هذا ، هل كان ليمكن بحال من الأحوال أن يتغير الوضع ويتضح ان النص الأقدم والأصح هو نص التوراة السامرية وأن المحرف هو نص التوراة العبرية رغما عن شهادة كل هذه النصوص والترجمات التي تقول باصالة النص العبري ضد السامري؟!

إن هذا هو ما قد حدث بالفعل بعد أكتشاف مخطوطات قمران والبحر الميت خلال عدة بعثات آثرية إستكشافية ، وخلال تلك الفترة وما بعدها تم العثور على العديد من اللفائف (Scrolls) والمخطوطات (Manuscripts) والقطع (Fragments) منها قطعة لنص سفر التثنية 4:27 تعرف بـ (Deut 27:4b-6). ويرجح العلماء أنها تعود إلى الفترة ما بين (35:175 قبل الميلاد). وقام بنشرها العالم "James H. Charlesworth" وذلك بتصريح من "جامعة أزوسا باسيفيك" [10] (Azusa Pacific University).


وبفحص القطعة تظهر بوضح عبارة "בהרגריזים - على جبل جرزيم" في موافقة لشكل ورسم التوراة السامرية :


النص المستنسخ للقطعة (Transcription) مع الترجمة [5] :


בהרגריזים = on Mount Gerizim = على جبل جرزيم

ولقد كان لإكتشاف هذه القطعة آثراً كبيراً على إعادة تشكيل الرؤية النقدية لهذا النص ، فوافق معظم علماء النقد النصي المعاصرين على الرأي القائل بأن القراءة الأصلية الأقدم والأصح هي قراءة التوراة السامرية "בהרגריזים - على جبل جرزيم" ، وأن من حرف أسم الجبل من جرزيم إلى عيبال هم اليهود العبرانين في توراتهم ، ومن هؤلاء العلماء :

العالم "James H. Charlesworth" نفسه حيث يقول :

Copying scribes altered the text in good faith in the attempt to restore the correct reading and to remove possibilities of misunderstanding. They sought to serve the circle of Jews for whom the copy was intended. I suggest that our fragment preserves the original reading and indicates that the MT and related textual traditions reflect alterations.[5]

ترجمة : حرف النساخ النص بحسن نية بهدف إعادة القراءة الصحيحة ولإزالة إحتمالات الإلتباس. فقد سعوا لخدمة دائرة اليهود التي كان مُعَد منها الناسخ. فأنا أقترح ان هذه القطعة تحفظ القراءة الأصلية وتدل على أن النص الماسوري وما ينتمي له من النصوص التقليدية تعكس التحريقات.

ويرجح العالم "Eugene Ulrich" نفس الفكرة ، فيقول :


Then only at a third level did the replacement of “Mount Gerizim”with the odd and problematic “Mount Ebal”occur; it can be explained only as a hasty and ill-thought-out polemical reaction against “Mount Gerizim.” [11]

الترجمة : فقط في المرحلة الثالثة قد تم إستبدال "جبل جرزيم" بالقراءة الإشكالية الشاذة "جبل عيبال"; ولا يفسر ذلك إلا تسرع وسوء فكر وإعتقاد ورد فعل إنفعالي تجاه "جبل جرزيم".

ويقول العالم "جوزيف زسينجيللير"[12] (Jozsef Zsengeller) :


ترجمة : علينا أن ندرك أن قراءة النص الماسوري لسفر التثنية 4:27 "בהר עיבל - على جبل عيبال" بكل تأكيد هي تصحيح أيدلوجي ، في مقابل النص التاريخي الأصلي "בהרגריזים - على جبل جرزيم" والمحفوظ في التوراة السامرية واللاتينية القديمة. [13]

وآخيرا يقدم العالم "جان دوسيك"[14] (Jan Dušek) مختصر الموقف الحالي لعلماء النقد النصي من القراءة الأصلية لهذا النص :


الترجمة : أشتبه العلماء لفترة ان نسخة التوراة السامرية هي الأصلية وان النص الماسوري يعكس تحريفاَ جدلياَ ضد السامريين. هذا هو الرأي المقبول بين أغلب العلماء اليوم. فقراءة "جبل جرزيم" بدلا من "جبل عيبال" موثقة ومشهود لها في ثلاثة نسخ قديمة : في النص اليوناني لأحد نسخ السبعينية ضمن "برديات جيسين" (Papyrus Giessen) ، وفي الترجمة اللاتينية القديمة (Vetus Latina) وآيضا في إحد القطع العبرية لنص التثنية 27: 4-6 المكتشفة تقريبا في الكهف الرابع لقمران.

ـ وإذا تكلمنا بدقة أكثر فإن إكتشاف هذه القطعة لنص سفر التثنية 4:27 ضمن مخطوطات قمران لم يكن وحده المكون الأساسي لآراء هؤلاء العلماء ، بل كان تأكيدا لآرائهم النقدية السابقة من خلال سياق النصوص التي تؤكد أن النص ولابد أن يقرأ "בהרגריזים - على جبل جرزيم" بدلاً من القراءة المحرفة الحالية "בהר עיבל - على جبل عيبال" ، حيث أن الكتاب المقدس قد أكد أن البركة كانت على جبل جرزيم بينما كانت اللعنة على جبل عيبال كما جاء في نص : سفر التثنية 11: 29 وَإِذَا جَاءَ بِكَ الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِلَيْهَا لِكِيْ تَمْتَلِكَهَا،فَاجْعَلِ الْبَرَكَةَ عَلَى جَبَلِ جِرِزِّيمَ، وَاللَّعْنَةَ عَلَى جَبَلِ عِيبَالَ. ولا يعقل مطلقا أن يأمر الرب ببناء المذبح على جبل اللعنة عيبال وليس جبل البركة جرزيم!

تقول البروفيسورة "كريستين دي تروير"[15] (Kristin De Troyer) :


That the altar was built on Mount Ebal might seem strange. After all, Mount Ebal has been associated with the curses that the Israelites uttered at the event of the covenant-renewal ceremony of Deut 11:29 (see also Deut 27:13). [16]

ترجمة : بناء المذبح على جبل عيبال ربما يبدوا غريبا. ففي النهاية جبل عيبال دائما ما يلصق باللعنات التي اطلقها الإسرائيليون في إحتفال تجديد العهد في التثنية 29:11 وآيضا التثنية 13:27.


Many still think Dr. Kennicott's arguments unanswerable, and have no doubt that the Jews have here corrupted the text through their enmity to the Samaritans.

ترجمة : لايزال يعتقد الكثير بأن حجة العالم (Dr. Kennicott) مفحمة وبلا جواب ، ولا يوجد شك بأن اليهود هنا قد حرفوا النص بسبب عدائهم للسامريين.

ومما سبق يتضح أن : أغلب علماء النقد النصي اليوم على إتقاق بأن القراءة الأصلية للنص هي قراءة النص السامري "בהרגריזים - على جبل جرزيم" والتي قد شهد لها النص اللاتيني القديم (Vetus Latina) وأحد برديات الترجمة السبعينية ، ثم الدليل الأقوى وهو شهادة أحد قطع مخطوطات قمران (Deut 27:4b-6). وفي نفس السياق أقر أغلب علماء النقد النصي بتحريف النص العبري المتأخر الذي يقرأ "בהר עיבל - على جبل عيبال" ،ولذلك لعدة شواهد :أولها الدليل النصي : الذي شهد ضد قراءة النص العبري المخالف للنصوص والترجمات الأقدم ، وثانيها الدليل التاريخي : متمثلاً في سياق النصوص التي دائما ما تربط بين "جبل عيبال" ولعنات بني إسرائيل عليه ، مما يجعل الأمر مستحيلاً عقلاً أن يأمر الرب ببناء مذبح على جبل اللعنة "عيبال" دون جبل البركة "جرزيم"!

ـ أهمية هذه البحث والمستفاد من دراسة هذا النوع من التحريف؟

آولا : إثبات تحريف كتبة ونساخ اليهود لكتابهم المقدس على مر العصور حيث تتعد أشكال وأسباب هذا التحريف بين الاختلافات الأيدلوجية والفكرية والعقائدية والسياسية ، وتحريف نص سفر التثنية 4:27 يعتبر أحد هذه الأمثلة العديدة والتي يمتلئ بها الكتاب المقدس وإعاننا الله تعالى على إكتشاف البعض منها ، بينما يظل الجانب الأكبر خفياً لعدم وجود أي نص او مخطوطة أصلية للكتاب المقدس وذلك بإعتراف كافة العلماء والباحثين ، فيشير "قاموس الكتاب المقدس" على سبيل المثال لهذه الحقيقة حيث يقول :

"وقد كتبت المخطوطات الاصلية للعهد القديم أما باللغة العبرانية أو باللغة الارامية، وكتبت المخطوطات الاصلية للعهد الجديد باللغة اليونانية. ولكن لا توجد لدينا الآن هذه المخطوطات الاصلية التي دونها كتبة الاسفار المقدسة، إلا أنه توجد آلاف المخطوطات التي هي نسخ من اسفار العهدين القديم والجديد." [17]

ثانيا :الرد على الإدعاء القائل بإستحالة تحريف الكتاب المقدس بدعوى إنتشاره حول العالم ، فيقول "الأنبا بيشوي مطران دمياط": "كيف يستطيع أحد بعد ذلك أن يجمع كل هذه النسخ المنتشرة في أنحاء العالم ليحرّف فيها؟!" [18] ويقول آخر : "الكتاب المقدس فريد في انتشاره وتوزيعه: إذ يفوق توزيعه أي كتاب آخر بعشرات المرات فقد تم توزيع الكتاب المقدس في عام 1998م 20.751.515 نسخة كاملة في 2212 لغة ولهجة."[19]

وقد رأينا كيف يمكن للتحريف أن يكون مبكراً وأن يُعَمم على كافة النصوص والترجمات القديمة والمنتشرة للكتاب المقدس وخصوصا النصوص ذات التقليد المشترك. فقد إنتشرت قراءة النص العبري المحرفة "בהר עיבל - على جبل عيبال" إلى تقريبا كافة النصوص والترجمات القديمة من "النص الماسوري" إلى "السبعينية" إلى "الفولجاتا" إلى "الترجومات" إلى "البشيطا" .... إلخ.

وصدق الله العظيم فيما أخبر نبيه الامي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم : {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة : 75]




المصادر :

[1] : قاموس الكتاب المقدس - شرح كلمة - التوراة السامرية

[2] : دائرة المعارف الكتابية - السامرة – التوراة السامرية

[3] : الكتاب المقدس - طبعة الأباء اليسوعيين

[4] : "جيمس تشارلزورث" (James H. Charlesworth) : بروفيسور العهد الجديد ومدير مشروع مخطوطات البحر الميت لمعهد برينستون اللاهوتي. http://goo.gl/EkYIV

[5] : Announcing a Dead Sea Scrolls Fragment of Deuteronomy

[6] :The Comprehensive Aramaic Lexicon

[7] : Pentateuchal Targumim, The Targums of Onkelos and Jonathan Ben Uzziel, On the Pentateuch With The Fragments of the Jerusalem Targum From the Chaldee, by J. W. Etheridge, M.A., First Published 1862

[8] : "يوجين أولريش" (Eugene Ulrich) : أستاذ العهد القديم واللاهوت في جامعة نوتردام ، ورئيس تحرير النصوص الكتابية لمخطوطات قمران والبحر الميت واحد المحررين لمشروع النشر الدولي لمخطوطات قمران. http://goo.gl/SvWuB ، http://goo.gl/Ibxop

[9] : Textual Criticism and Dead Sea Scrolls Studies in Honour of Julio Trebolle Barrera, P. 361

[10] : "جامعة أزوسا باسيفيك" (Azusa Pacific University) : أحد أشهر الجامعات المسيحية الخاصة تم تأسيسها فى العام 1899 ، وتقع في مجمّع سان جابرييل فالي لأزوسا. يعتبر المقر الغربي للجامعة مخصصا لكلية التمريض ، والعلوم التطبيقية والسلوكية ، والتربية ، وكلية اللاهوت. http://www.apu.edu/about/ ، http://goo.gl/NhRjX ، http://goo.gl/va02y

[11] : Studies on the Texts of the Desert of Judah, VOLUME 92 : The Dead Sea Scrolls Transmission of Traditions and Production of Texts, P. 222.

[12] : "جوزيف زسينجيللير" (Jozsef Zsengeller) : حاصل على الدكتوراة في اللاهوت عام 1998 ، وأستاذ العهد القديم في أكاديمية الإصلاح اللاهوتي بالمجر. http://goo.gl/OykkJ

[13] : Samaria, Samarians, Samaritans: Studies on Bible, History and Linguistics (Studia Samaritana), P. 28

[14] : "جان دوسيك" (Jan Dušek) : حاصل على الدكتوراة في التاريخ وآثار العالم القديم عام 2005 ، ويعمل ياحثاً في مركز دراسات الكتاب المقدس التابع لأكاديمية العلوم في الجمهورية التشيكية وجامعة تشارلز في براغ. http://goo.gl/rv131

[15] : "كريستين دي تروير" (Kristin De Troyer) : أستاذة العهد القديم بجامعة سانت ماري ، مدرسة اللاهوت بجامعة سانت أندروز في المملكة المتحدة. http://goo.gl/3NlYP

[16] : Reading the Present in the Qumran Library: The Perception of the Contemporary by Means of Scriptural Interpretations, P. 156

[17] : قاموس الكتاب المقدس شرح كلمة - مخطوط | مخطوطة | مخطوطات

[18] : كتاب سلسلة محاضرات تبسيط الإيمان - الأنبا بيشوي مطران دمياط - 54- كيف يمكن تحريف الأنجيل؟!

[19] : سنوات مع إيميلات الناس! أسئلة عن الكتاب المقدس - هل تم تحريف كتاب الله عز وجل؟! - سؤال: كتابكم المقدس مُحَرَّف!

0 comments:

Post a Comment

 
Design by Wordpress Theme | Bloggerized by Free Blogger Templates | coupon codes تعريب : ق,ب,م